مقالات بدايات
الصورة من تصوير "مظفّر سلمان"

الصورة تهتزّ قليلا

05/03/2018

بالطبع ما يزال حتى الآن العنف مسبوغاً على جلِّ الأعمال الإبداعية، في توازٍ، مع الجانب التراجيدي الشخصي والعام، حيث ما من مجال للانعتاق من جروح الماضي، ولم تصل تلك اللحظة التي تشير إلينا بالخروج إلى الآخر دون صفة السوري، أولاً لأن أغلبنا ما لبث أن فتح حقائب رحلته للتو، وثانياً لأن نضج العمل الإبداعي، لا يأتي إلا مع تراتبية تخص التراكم.

الكاتب: رنا زيد

انتظر السوريون حوالي أربعة عقود، قبل أنْ يصرخوا في وجه نظام الأسد، صرخة ما من صمت بعدها، بأنهم ملّوا من القتل والتغييب القسري والديكتاتورية والكبت السياسي المتلاحق مع كبت اجتماعي، وآخر نفسي طاغ على الفرد، أي أنهم لم يكونوا على دراية تامة بما يعنيه الانتظار وما يليه، كانوا في شكل ما، تحت وقع التخدير في إرادتهم، أو في حالة صحو جزئية. ثم لابد أنَّ إدراكهم كان مؤكداً، في أنَّ اللحظة المناسبة المسلوبة منهم، ما كانتْ لتأتي، لو أنهم استعجلوها. كان يقينهم الضمني والمتراكم، بوجود النظام السوري الراسخ، يعادل إسرافهم في لعنه بصمت، يوماً بعد يوم، في عقولهم وأرواحهم. كانوا، أيضاً، في حاجة إلى الشك بما هو ثابت ومؤدلج، كما كانوا في حاجة إلى الوقت والتروي، إلى الغضب والتمرد والعصيان، في آن معاً. هذا الصنم الذي لا يتزحزح، مال رأسه، ثم وقع، وأثار بعدها، كل هذا الموت والضجة والمرارة والتشرد والحرية والحياة. 

 

لم يعد الزمن بعد ذلك، يحمل الدلالات ذاتها، التي حملها في الماضي، ولا يمكن في أي حال من الأحوال قياس ما كان قبل الثورة السورية (٢٠١١)، بالمنطق ذاته بعدها؛ وإن كان هناك تشابه واحد متبقٍّ، وتماثل مؤسف في تكراره، يتمثل في أن بعض المكبوت تسرب من الزمن الفائت إلى الآتي، وكأنه ينقلب ويعيد تكرار نفسه، في ساعة توقيت رملية مغلقة، ما يشي بتهشم وجه المجتمع وحالته الإدراكية الواعية، وانزياحه، في أحيان كثيرة عن المسار، وفقدانه لصلة الوصل مع البديهيات والمسببات التي أوصلت إلى العقدة السياسية المتشعبة والمملة، في يومنا هذا، من العام ٢٠١٨. 

 

ثم إن كان هناك مكان، تجري فيه الأحداث اليوم، مكان مفترض وبديل عن البلاد التي كانت، فلا بد من الإشارة إلى أن سوريا انتقلت إلى شبكة التواصل الاجتماعي الفيس بوك، لتتلاشى سوريا الأرض اليقينية، أيضاً، من الذهن الجمعي، وتصبح موجودة في المكان الذي يتعارك فيه السوريون ويتخاصمون، أو يتوحدون في منطق راسخ، في خضم الإشارة المتكررة إلى القاتل، الذي يستمر في المجزرة بثبات. يَكَادُ يكون شكل الحدث والفعل السوري مأساوياً وهزلياً، لكن لابد أنه جرى، ومازال يجري، تحت رغبة الآخر بأن تنتهي حالة الوهم في التغيير السياسي، التي أصيب بها غالبية السوريين، وهذا لم يتحقق إلى الآن، لأنَّ أصحاب الحق لم يصمتوا بعد صرختهم المدوية، إذ أنَّ رغبتهم في الحياة لم تتوقف، لكن بعضهم تعب أو استسلم إلى تعب الرحلة الطويلة.

 

أتى المؤلف الموسيقي البريطاني روجر ووترز Roger Waters، في العام ٢٠١٧، بعمل  موسيقي هو في منزلة إجابة تخص أولئك الذين ألمحوا إلى نهاية الأدب الفلسطيني وموته، وكأنه شيءٌ شكليٌّ تابعٌ لحركة سياسية متراوحة في وجودها وعدمه. وفي السياق ذاته، هناك من يصر على تَبدِّي مصيرٍ مشابهٍ للمنتج الأدبي والفني السوري في ادّعاءٍ لضعفه وركاكته وتَموُّته. سيكون الذهن سائراً هنا وراء رسالة ضمنية حول إفهام شيء صعب في قوله المباشر، وهو أن أدباً ماتت قضيته سيموت حتماً، أي سيكون له المصير نفسه، من التلاشي والانمحاء، هكذا بضغط لطيف من إصبع مجهولة على زر مفترض، سينمحي المنتج الفني والأدبي، الذي لا يحمل حتى الآن أي قيمة، في نظر هؤلاء الذين يشبهون الشرطة الفكرية، أكثر منهم نقاداً أو متفكرين في المنتج. 

 

ما يهمنا هنا، أن ووترز، قد استلهم من الشاعر الفلسطيني محمود درويش، معنىً آخرَ للانتظار، في أسطوانته الفردية "Is This The Life We Really Want". فإنَّ أحدَ مؤسسي فرقة الروك "pink floyd"، لم يُعِدْ تلحينَ كلماتِ قصيدة درويش "درس من كاما سوطرا" وغِناءَها، بل ذهب بمعنى الانتظار إلى مكان آخر، إذ يربط ووترز  بين هذا الانتظار الذي قد نتفق أو نختلف حوله لدى درويش، والمستقى من كتاب "الكاما سوطرا" (وهو يُمثّل "فن الحب" الهنديّ، وقد كُتبت مقطوعاته في القرن الخامس بعد الميلاد)، وبين انتظار آخر ناتج من تأمل ووترز الطويل في هذا الزمن، وفي استحضار انتظار رمزي من الآخرين، أصحاب المكان الجديد الذي أتاه اللاجئون، انتظار كي يستجمع هؤلاء العابرون للموت أنفسهم، إذ كما نرى في فيديو أغنيته "Wait for Her"، من هذه الأسطوانة الموسيقية ، فالمرأة أو راقصة الفلامنكو، التي تظهر فيه، هي عينها المرأة الهاربة عبر البحر، واللاجئة في فيديو أغنيته "The Last Refugee"، المرأة عينها تتقلب بين حالتين مختلفتين، في شريطي الفيديو، تكون في إحداها غارقة في حالة قهر إنساني، وسط مكان داكن تستجمع نفسها، مع ذاكرة فقدان ابنتها الصغيرة حينما أتت في رحلة الهرب البحرية، وأمّا في الحالة الأخرى فهي تتهيأ في الكواليس قبل الرقص. كان  ووترز يريد أن يقول إن هؤلاء اللاجئين الذين يأتون هرباً من الموت، يمتلكون قيمة الحياة في صدورهم، وأنهم إن بدوا في هذا الشكل من التحطم البشري، أو سوء الحال، فإن هيئتهم الشكلية وحالتهم غير المتزنة، للوهلة الأولى، لا تعني حقيقتهم، وأن على المرء انتظارهم، أراد ووترز فنياً أن تكون هناك، طريقة ما، طريقة فيها كل اللطف والتأني في انتظار امرأة هاربة من هول الموت في بلادها، لتُظهِرَ ما لديها من سحرٍ بشريّ ولمعان آتٍّ عبر طاقتها في الحركة والفعل غير العادي. استخدم ووترز كلمات درويش ليعيد صياغة الحقيقة، وليجمع صورة اللاجئين المتكسرة والمتفتتة تحت وقع الميديا.

 

نعلم أنَّ ووترز خسر أباه في الحرب العالمية الثانية، ولا داعي إلى التفصيل ، وشرح أعماله الموسيقية، ورمزية عمله "The Wall" في تفنيد أهوال الحرب ثم الوقوف ضد سيطرة المجتمع على الأفراد، هو يأتي هنا كما درويش مثالاً على أن أحداثاً بهذا الهول، تحتاج تأملاً مختلفاً، كما سيحتاج فهم وتطوير الأعمال الإبداعية السورية، وتثبيت ارتباطها مع الإنسان السوري، وما لحقه من خرابٍ وضنىً كارثيّ، إلى مدى من الوعي والإدراك، لا يكون فيه السباق جارياً، في تصنيف، أي كاتب سوري هو الأهم، الآن؟ أو من هو الذي سينال جائزة ”نوبل“ للآداب؟ أو أي فنان سوري هو الأكثر إبداعاً وعظمة وانتشاراً؟ كلّ هذا التدافع، قد لا يدخله الفنانون والكتاب والسينمائيون السوريون، مع وعي كامل، لكن في رغبة من سوريين آخرين في إقحامهم في مقاييس للإنجاز الإبداعي، مقاييس عالمية، لا يعلم أحد مدى صحتها، أو فائدتها في تَتبُّع حركة الفن والأدب السوريين، بتلك الطريقة الهيستيرية. وكأن المطلوب من الكاتب أو الفنان السوري، هو الوصول إلى الكمال. وبطريقة لاواعية، ما يمثله الكمال في هذه الحال هو شيء آخر مرتبط بفحوى الموت التابع لهذه المحاكمة، وكم تشبه نتيجة هذه المراقبة، الإحساس الخفي بعدم وجود شيء كامل في إتقانه اليوم في القضية السورية سوى الموت، الموت الخالص، هكذا عليه أن يكون تتويجاً لكل شيء.

 

وفي الرجوع إلى فعل الهرب، الذي قد يبدو كارثياً على وجوه اللاجئين، الذين هم صورة الحرب القصوى والمثلى، صورة الضحية والجلاد معاً، متلخصة في صوت وحركة الصراع الواقعيين، لا يمكن تخطي ذلك الشعور المتدفق مع حركة كل قارب على وشك الوصول إلى المكان الغريب، شعور يراوح ما بين الخسارة الفادحة وبين النجاة. 

لم يخرج اللاجئون من أرضهم، إلا بعد رغبتهم في الخلاص، ورغبة الخلاص هي وحدها الدافعة إلى مجابهة الموت؛ كما هي رغبة الخلاص من حكم نظام الأسد وحدها قد جعلت السوريون، يقفون متراصين أمام الموت الواضح والقريب، ربما كان عليهم تغيير الخطة ليكون الموت أقل، لكن لا ينفع لوم، ولا ينفع التأمل المنطقي، لما يجري تحت هول الحرب والقصف والرصاص، في تقييم هدر الأرواح الذي حصل، من قلة الخبرة في مجابهة الطغيان.

 

لا غبش في الرؤية رغم أن الصورة تهتز قليلاً!

 

"على قارب لتهريب اللاجئين كان هناك شاب سوري لا يتجاوز عمره الثلاثين عاماً، يلاصقه وسط ازدحام القارب أبوان سوريان مع طفلة صغيرة، أوصى الأبوان الشاب، أن يهتم بالطفلة في حال لم يحالفهما الحظ في النجاة، حصل ما كانا خائفين منه، إذ غرقا في الرحلة، وصل الشاب الضفة الأخرى، وأعلم السلطات اليونانية، حينما سُئِلَ إن كان هو والد الطفلة، بأنه الأب"، هذه القصة المروية بالتواتر إليّ من شخص آخر كان في القارب، قد تبدو مناسبة لسرد أدبي هائل، لكن فعلاً، وفي علة التصاق الزمنين زمن أي كاتب سوري وزمن القصة، فالسؤال يلح: هل على الكاتب أن يروي مثل تلك الحكاية، بفنية تفوق فنية الواقع؟ هل دور الأدب اليوم، هو كمثل دوره الفني المثقل، بالخيال والمواربة، والتخوف من الشرطي البعثي، في سرد الأحداث الحقيقية؟ أم أن عليه فقط أن ينقل المسار المفرط من ألمه في الحكاية. ربما على الناقل أو الكاتب، فقط أن يعي فنياً، أن الشاب قد تحول في أقل من يوم، من شاب عازب إلى أب، ولن يغبش رؤية الصور التخيلية، ضمن هذه الحكاية القصيرة، السابقة والتالية للحدث، أي شيء، لا اهتزاز القارب، ولا صراخ الفتاة الصغيرة، مستنجدة بفطرة لمعرفة ما جرى. إن القصة فيها ما يدل على أن السوريين ناقلون لحدث يخص بشراً مصابين بالقوة والعطب معاً، ولا شيء غير ذلك، فلا إفراط في معاني فلسفة الثقافة ومرجعيتها غير ما يتلوه الواقع علينا، لتعلو هنا صورة الكاتب أو الفنان السوري قريباً من كونه يحمل جنسيته، وبالتالي تكون صورته وصورة من يتحدث عنه، هي صلب هذه النجاة في معناها البشري الأخلاقي والجذري. ولا يقصد من المثال السابق، أن تلك التجارب التي لا تعيد سرد الواقع، بل تخفيه خلف صمت ضمني بدلاً من استعراضه المباشر، من أجل إعادة إنتاج أنماط شعورية وتخيلية فردية، مفصولة عن هذا التوتر الإنساني الواقعي.

 

هذه الصورة الواقعية، قد تجعل بعض من يمارس النقد في أحوال الأدب، ينكر صورته الشخصية المنعكسة من خلاله، إذ يبدو الأدب أو الفن كالمرآة للواقع، فيحاول  هؤلاء صناعة صورة جديدة غير موجودة، وإنكار أي شيء غيرها. صورة ذهنية أو انطباع ذهني، غير موجود في الواقع، وهو ما يتشكل عادة في مرحلة من مراحل الكبت، إذ آلية الكبت تتمثل في الإنكار والنفي، لن يتمكن هؤلاء من نفي الواقع بطريقة مباشرة، لكن في إمكانهم نفي، أي أدب أوفن، ينتج صورة مطابقة للواقع، في مقدار ما. طبعاً ستكون سطوة الموت، في كل الأحوال، قادرة على تكوين شكل للمثقف السوري المرتاب من فكر الآخر، في ظن الخديعة والأذية، لذا لن يكون في وسعه انتظار الآخرين حتى إنهاء التقاط أنفاسهم.. يدافع في خضم عدوانيته، عن انهيار الجماليات، بينما يقوم هو بسحق التورد يومياً.

 

كان نظام الأسد ومازال يحارب فينا شيئاً واحداً، هو الحلم. مُعَلِّم الصف في سوريا الأسد كان مستعداً ليجعلنا نرزح تحت وطأة صراخه واضهاده، طالما أن هذا يضمن تأليه القائد المفدى، إذ نكرر جميعاً ما يطلب منا، نردد شعارات البعث مئات المرات، في باحة المدرسة، وفي الصف.. إذ يجب على المدارس، أن تعلو بأصوات التهليل للقائد والحزب صباحاً. وطالما أننا سنظل دائماً في شبهة ارتكاب جريمة لاندري ماهيتها، إن قصرنا مرة أو تسرب إلينا الشك في كمال وثبات صورة الأسد، فإن أي شعور يتسرب بالحرية هو غشّ مدرسي؛ لا يمكن للمرء التصديق أن الصورة المرفقة (٢٥ مارس ٢٠١١)، هي لرجل سوري ناضج كتب على يديه، بالحبر: نعم للحرية، لا للعنف، لا يمكن التيقن من المدة التي بقي فيها مغلقاً يديه، هارباً من رجل الأمن في دمشق، منتظراً برهة قبل أن يفتحهما صارخاً حالماً، مستديراً على عزلته وانعتاقه من آخر آلامه في الصمت الطويل، بدا كما لو أنه يغش في امتحان الإخلاص للديكتاتور، امتحان استمر عقوداً، أي جريمة تلك التي تتمثل في حلم، هذا المتظاهر، بأن يفتح باطن يديه أمام الآخرين؟

 

 كان الحلم قد عاد مع الثورة السورية، استطاع السوريون للمرة الأولى، أن يهربوا من الواقع المرير، ويشكلوا حلمهم دون خوف ودون ذنب. وفي اتصال مع هذه التراكيب والمتواليات الاجتماعية، لا تترسخ الذات الإبداعية إن كان لها الفرصة للنجاة إلا من خلال مفهوم الحلم والوهم، لكن وبعد كل ما يتواتر في الأحداث السياسية، ومن انعدام مستقبل واضح لسوريا بين الديكتاتورية، وظهور السلاح الذي تسيطر عليه قوى إسلامية، صار على السوري أن يجابه ذاك السوري الآخر الذي يراقبه، ويسجل عليه حركته وأنفاسه، ذلك الشرطي الأخلاقي لا يستهان بوطئته المحبطة والمخربة لديناميكيّة الفعل الثقافي الطبيعي.

 

ولندرك المستوى الذي نحن عليه من الخلاص الحالي، علينا أن نتذكر مصير أي أحد كان ليخرج على الملأ بكلمة أو عمل إبداعي، فيه أي انتقاد لنظام الأسد في سوريا. اليوم بعد أنْ انفصل الطغيان عن عملية المراقبة الأعمال الإبداعية، ساد إحساس لدى البعض بأن هذه الأعمال تنفلت من كل رقيب وسلطة، حتى من السلطة العليا الوحيدة الحقيقية وهي قيمة العمل الإبداعي في أسس التلقي طالما أن الجمهور أصبح غربياً، مع توافد المثقفين السوريين إلى أوروبا، على الأخص. لكن حقيقة، من منا يمكنه تمييز إحساس الآخر حينما يشاهد أو يقرأ عملاً إبداعياً سورياً؟ بالطبع ما يزال حتى الآن العنف مسبوغاً على جلِّ الأعمال الإبداعية، في توازٍ، مع الجانب التراجيدي الشخصي والعام، حيث ما من مجال للانعتاق من جروح الماضي، ولم تصل تلك اللحظة التي تشير إلينا بالخروج إلى الآخر دون صفة السوري، أولاً لأن أغلبنا ما لبث أن فتح حقائب رحلته للتو، وثانياً لأن نضج العمل الإبداعي، لا يأتي إلا مع تراتبية تخص التراكم.

 

وكي نعود إلى الكشف عن ذاك الأفق الذي تعنيه خروج كل هذه الأعمال السورية في الغرب، بهذه الحرية، علينا تذكر ماذا كانت عليه الأمور فيما لو  همست هذه الأعمال بصوتها في ظل حكم الأسد، إن هذا المجال في الاحتكاك مع المثقفين الآخرين المختلفين، كان معدوماً أيضاً، إذ كان أي تجمع ثقافي مدعاة للتهمة والتجريم، فكيف سيكون الحوار عن الفعل الثقافي قائماً، بين السوريين؟ في بلد لم تكن الهوية السياسية أو الوطنية التي تخص الفرد، لا المثقف وحده، لتناقش. إنَّ المخرج من دائرة الخلق الأولي للترسخ في ضمير الآخرين، يكون عادة بعد الوقف أمام المرآة، لرؤية الذات ومراقبتها، بعين غير عين الغواية.. لكن في حالتنا الثقافية السورية، فإننا نقف فنجد خلفنا في المرآة ذاتها، ذاك الشرطي الخالد.

المشاركة
عرض المزيد